chapter 1 bg

الهوية، التراث، والفخر

شكّلت استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم لأول مرة في الشرق الأوسط والعالم العربي، فرصةً لا مثيل لها لتعريف العالم أجمع بثقافة العرب وتراثهم وتقاليدهم. وعلى مدى الأسابيع الأربعة من البطولة، عايش المشجعون من جميع أنحاء العالم عن قربٍ جمال وحيوية التراث الثقافي العربي واللغة العربية، وكانت مؤسسة قطر في الريادة لتعريفهم بعالمٍ لم يستكشفوه من قبل.

وقد روّجت فعاليات مؤسسة قطر وبرامجها الصورة الحقيقية للعالم العربي، واحتفت به، ومع وجود علم فلسطين كرمز للتضامن العربي على مدار أيام البطولة، أسهمت المؤسسة في إيصال قصص وأصوات الفلسطينيين ليسمعها العالم بأسره.

مغامرة خلّاقة

"يُعتبر المهرجان منصة للتواصل والتعبير عن الذات حيث نحتفي بالفنون الأدائية المتنوعة، يلتقي فيها الفنانون والموهوبون من جميع القدرات تحت سقف واحد، فضلًا عن تركيزها على الثقافة واللغة العربية والتراث العربي".

بهذه الكلمات افتُتح مهرجان دريشة للفنون الأدائية التابع لمؤسسة قطر الذي استقبل جمهورًا من الزوار المحليين والإقليميين والدوليين في المدينة التعليمية، واستمر لسبعة أيام خلال المراحل النهائية من كأس العالم FIFA قطر 2022™.

قدّم مهرجان دريشة بنسخته الثانية عروضًا وفعاليات مميزة شملت الرواية القصصية، الموسيقى، الشعر، والفنون البصرية والمسرحية، إضافة إلى ورش عمل تعليمية وأنشطة ترفيهية موجّهة للعائلة، وعروضًا لفنانين من قطر ودولًا أخرى مثل المغرب والسنغال وتركيا واليونان. وقد أقيمت هذه النسخة تحت عنوان "السفر والمغامرة" وهو عنوان مستوحى من مغامرات الرحّالة ابن بطوطة.

شهد عام 2022 إضافة جديدة إلى مهرجان دريشة بنسخته الثانية، تمثّلت في قسم "دريشة الاختراعات والابتكارات" برعاية كونوكو فيليبس قطر، الشريك الرئيسي للمهرجان، إلى جانب صندوق دعم الأنشطة الرياضية والاجتماعية (دعم). سلّط هذا القسم الضوء على العلماء والمبتكرين والباحثين من الوطن العربي، مشيدًا بغنى الإسهامات العلمية والمعرفية العربية عبر التاريخ والتي ما تزال مستمرة إلى يومنا هذا.

"يُعتبر مهرجان دريشة مساحة للتواصل الثقافي بين الشعوب، وأهمية نسخة هذا العام أنها تتزامن مع فعاليات بطولة كأس العالم لكرة القدم، بما يسمح لزوار دولة قطر، من ثقافات مختلفة بالتعرف على الإرث الثقافي القطري."

الدكتور غانم بن مبارك العليمستشار ثقافي في وزارة الثقافة

حضر أكثر من 15000 شخص النسخة الثانية من مهرجان دريشة للفنون الأدائية

وانطلقت الرحلة

استقطب مهرجان دريشة للفنون الأدائية آلاف الزوار، واُفتُتِح بحفل موسيقي قدمته أوركسترا قطر الفلهارمونية، التي اصطحبت الجمهور في رحلة ثقافية لاستكشاف الماضي والحاضر والمستقبل. تلا ذلك عرضًا موسيقيًا بعنوان "رحلة ابن بطوطة"، شاركت فيه جهات من قطر ودول المنطقة، إلى جانب طلاب من مدارس التعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر. تضمن حفل الافتتاح أيضًا تسليط الضوء على المواهب الإبداعية في قطر من خلال مهرجان "إيقاعات أجيال" التابع لمؤسسة الدوحة للأفلام، وإطلاق سلسلة من الفعاليات الثقافية في بيت آل خاطر، أحد المواقع التراثية في المدينة التعليمية. كما استمتع زوار المهرجان بعرض "المسرحية الموسيقية: الرومي" المستوحاة من شعر الفيلسوف العربي الكبير جلال الدين الرومي، في حين تميز اليوم الأخير من المهرجان بإقامة أمسية شعرية ألقى فيها عدد من أبرز الشعراء العرب باقة من القصائد والأشعار التي سلّطت الضوء على أبرز القضايا التي تواجه المنطقة.

أما في" دريشة الابتكار"، فقد أتيحت للشباب فرصة لاستكشاف عالم العلوم، بما في ذلك تمكين الأطفال من السفر في أنحاء مختلفة في قطر والتعرّف على تاريخها من خلال "البساط الطائر" الذي يحاكي الواقع الافتراضي. وأتاحت منطقة الفن والموسيقى للزوار تجربة آلات موسيقية مختلفة، إلى جانب فنون الرسم، والنحت، والتمثيل.

استطاع مهرجان دريشة للفنون الأدائية، وبدعم شركائه الاستراتيجيين المتمثلين بوزارة الثقافة، ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، ومؤسسة الدوحة للأفلام، وسوق تُربة للمزارعين، وشركة "وقود"، وبنك دخان، أن يعرّف زواره، من مختلف الجنسيات، بالثقافة والتقاليد المحلية والعربية، وأن "يقرّبنا أكثر من هويتنا"، على حد وصف أحد الزوّار المحليين.

"تدعم كونوكو فيليبس قطر الشباب وتحفزهم وتشجعهم على إطلاق مواهبهم الإبداعية."

حمدة الكواريأخصائي فعاليات وتصميم في شركة كونوكو فيليبس قطر

صون التاريخ من أجل المستقبل

استضاف إحدى المواقع التاريخية في المدينة التعليمية عددًا من فعاليات مهرجان دريشة للفنون الأدائية، لتكون هذه أولى خطوات استراتيجية مؤسسة قطر الهادفة للحفاظ على المباني التاريخية في المدينة التعليمية وتكريسها مساحةً للتبادل الثقافي للأجيال القادمة.

تأكيدًا على التزامها في الحفاظ على الثقافة القطرية والتراث الوطني وحرصها على المباني التاريخية داخل حرم المدينة التعليمية، تعمل مؤسسة قطر على ترميم "بيت آل خاطر" الذي سيُشكّل مساحة رئيسية تُقَدّم فيها صورٌ حيّة ودائمة عن التراث الثقافي بهدف توفير تجربة مُستدامة وشاملة لكلّ الأجيال.

وفي فعالية سبقت انطلاق مهرجان دريشة، زرعت حديقة القرآن النباتية، بالتعاون مع أفراد من عائلة آل خاطر، مجموعة متنوعة من النباتات المحلية القطرية في البيت، كرمز لإعادة إحيائه. كما ستتولى البرامج التراثية في مكتبة قطر الوطنية مهمّة التوثيق الشفهي لمسيرة بيت آل خاطر ومن عاشوا فيه.

يُعدّ بيت آل خاطر إحدى المواقع التاريخية داخل المدينة التعليمية، وجميعها تدخل ضمن خطة عمل وضعتها مؤسسة قطر للحفاظ عليها من أجل الأجيال القادمة، والفائدة المجتمعية.

"أشعر بغاية السعادة اليوم وأنا أرى هذا الجهد الذي تقوم به مؤسسة قطر للحفاظ على هذا البيت الذي تطور على مر السنين ليصبح تحفة معمارية تشهد على تاريخ قطر."

راشد آل خاطر فرد من عائلة آل خاطر

تقليص الهوّة الثقافية

في جلسة نقاشية استضافتها مؤسسة قطر، أكّد عدد من الخبراء في المجال الثقافي على التأثير الإيجابي الذي صاحب بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™ وإسهامات هذه البطولة في تكوين فهم جديد ومختلف عن العالم العربي عند مشجعي كرة القدم من مختلف أنحاء العالم.

سلّط المتحدثون الضوء على الدور الذي لعبه تعرّف المشجعين على التراث الثقافي القطري والعربي في تكوينهم تصوّرًا أوضح عن الشرق الأوسط والعالم العربي، مما ساعد على تغيير المفاهيم الخاطئة والصورة النمطية غير الصحيحة.

وفي هذه الجلسة، قالت الشيخة ريم آل ثاني، نائب الرئيس التنفيذي بالوكالة للمعارض والتسويق ومدير إدارة المعارض المركزية في متاحف قطر: "أسعدتنا رغبة الناس في تجربة أزيائنا التقليدية، وتناول المأكولات القطرية، وسعيهم للاستفسار عن أمور كانوا يتصوّرون أنه لا يُمكنهم طرحها، لكنّنا دائمًا مستعدّون للحوار"

وأوضحت أميرة العجي، رئيس قسم فنون المجتمع في مؤسسة قطر خلال مشاركتها في الجلسة: " لقد شكّلت بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™ فرصة لإيصال رسالتنا إلى كثير من الناس من مختلف الثقافات وإعطاء صورة أوضح عن هويّتنا وثقافتنا، وإعادة تشكيل تصوّراتهم، وتعريفهم بالأهداف والخطط المستقبلية".

"لقد تمكّنا من الترحيب بالعالم، وإيصال رسالة بأنّ لدينا الكثير من القواسم المشتركة."

هند الخليفيمدير شؤون التخطيط الاستراتيجي والمشاريع في مكتبة قطر الوطنية

تقارب ثقافي مع كرة القدم

استطلع أربعة من خريجي مؤسسة قطر آراء مشجعي كرة القدم في الخارج عن الثقافة في دولة قطر بداية عام 2022، وتبيّن لهم أن العديد منهم "لا يعرفون الكثير" عنها - لذلك قرروا المساعدة في تقديم الثقافة القطرية إلى العالم.

وقد أطلق خريجون من جامعة كارنيجي ميلون في قطر، الجامعة الشريكة لمؤسسة قطر، متجر "غترة موندو" في محطة مترو سوق واقف لبيع الغترة والثوب القطري بألوان أعلام الفرق المشاركة في نهائيات كأس العالم، وقد حظيت الغترة القطرية بشعبية عارمة لدى جماهير المونديال، خاصة تلك الملونة بألوان علم المغرب، والتي نفدت من المتجر بسرعة قياسية.

من جهة أخرى، قدّمت دار نشر جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، إلى الجمهور العربي كتابان باللغة العربية يحكيان قصة اثنين من أعظم لاعبي كرة القدم في العالم، وهما كيليان مبابي وليونيل ميسي؛ نجما نهائي كأس العالم.

وكانت دار جامعة حمد بن خليفة للنشر قد أصدرت أيضًا نسخًا عربية عن كتب تتناول سيرة حياة كريستيانو رونالدو ومحمد صلاح، بالإضافة إلى كتاب للأطفال يتحدث عن ملاعب بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™، وخمسة كتب تركز على كرة القدم، بما فيها أعمال أدب الخيال للأطفال، للكاتب ماتياس كروغ المقيم في قطر.

"لقد تمكّنا من الترحيب بالعالم، وإيصال رسالة بأنّ لدينا الكثير من القواسم المشتركة."

هند الخليفيمدير شؤون التخطيط الاستراتيجي والمشاريع في مكتبة قطر الوطنية

قطر تحتفي بفلسطين

بكل فخر واعتزاز، رُفع علم فلسطين طوال أيام كأس العالم FIFA قطر 2022™ في الملاعب والشوارع وعلى شاشات التلفاز في جميع أنحاء العالم، لتسليط الضوء على كفاح ونضال الشعب الفلسطيني.

سلّطت مؤسسة قطر المزيد من الأضواء على القضية الفلسطينية وذلك من خلال استضافة سلسلة من الفعاليات التي تُبرز الثقافة الفلسطينية وتوفّر منصّة لأصوات الشعب الفلسطيني خلال البطولة، مثل فعالية ضمن معرض "جووولز 2022" الذي نظمته مؤسسة قطر، تحدثت فيها الناشطة الفلسطينية منى الكرد عن أهمية سرد القصص والتراث المحكي في صنع التغيير والدفاع عن القضية الفلسطينية.

وفي مهرجان دريشة للفنون الأدائية، قدّمت المطربة الفلسطينية دلال أبو آمنة الجمهور أغانٍ تعكس تمسّك الفلسطينيين حول العالم بأرضهم وتاريخهم. كما شهدت فعاليات المهرجان حضور مغني الراب الفلسطيني الشاب إم سي عبدول، وهي المرّة الأولى التي يغادر فيها قطاع غزة، بهف تقديم موسيقى تسلط الضوء على معاناة أهالي قطاع غزة.

كانت القضية الفلسطينية أيضًا محور جلسة نقاشية استضافتها مناظرات الدوحة، عضو مؤسسة قطر، والتي ناقش فيها طلاب من قطر وأكاديميون وناشطون مستقبل الهوية الفلسطينية، وكيفية الحفاظ على الهوية الوطنية دون وطن.

"المهم هو أن نواصل الحديث عن فلسطين كشعوب عربية سواء رقميًا أو على أرض الواقع."

منى الكردناشطة فلسطينية خلال حديثها في فعالية نظمتها مؤسسة قطر

رمز التضامن

القصة التي بدأت على متن طائرة اتجهت من زيورخ إلى الدوحة عام 2010 أصبحت شعارًا ملهمًا لحملة وطنية، أطلقتها مؤسسة قطر، لحياكة رمز يُعرض أمام العالم بأسره في حفل افتتاح بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™. في الأسابيع التي سبقت البطولة، شارك مئات الأفراد من الطلبة والعاملين في المستشفيات وأفراد الأسرة في البيوت في حياكة "الأدعم" وضمّنوه رسائلهم الخاصة ومشاعرهم. وقد رُفع هذا العلم القطري في استاد البيت خلال حفل افتتاح بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™ في 20 نوفمبر 2022.

وكانت قصة العلم الفريدة قد بدأت قبل 12 عامًا عندما عاد وفد دولة قطر من سويسرا بعد إعلان فوز قطر بحق استضافة بطولة كأس العالم، ليدرك الوفد القطري قبيل وصوله إلى الدوحة أنه لم يكن بحوزته علم قطر، لذا قرروا حياكته بأنفسهم مستخدمين في ذلك وشاحًا عنّابيًا لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وقماشًا أبيض من مفرش الطاولة.

حيّك هذا العلم في لحظة تاريخية لقطر والعالم العربي،وصارت قصة حياكته رمزًا يمثّل قيم التضامن بين جميع أفراد المجتمع، وتروي كيف تكاتفوا جميعهم لكتابة فصل جديد من فصول قصّة نجاح قطر.

أكثر من 600 شخص شاركوا في حياكة "الأدعم" الذي رُفع في حفل افتتاح بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™.